وقرأ ابن كثير في رواية قنبل وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " من حيّ " بياء واحدة مشددة، وقرأ نافع وابن كثير في رواية البزي وعاصم في رواية أبي بكر " من حيِيَ " بإظهار الياءين وكسر الأولى وفتح الثانية، قال من قرأ " حيّ " فلأن الياء قد لزمتها الحركة فصار الفعل بلزوم الحركة لها مشبهاً بالصحيح مثل عض وشم ونحوه، ألا ترى أن حذف الياء من جوارٍ في الجر والرفع لا يطرد في حال النصب إذا قلت رأيت جواري لمشابهتها بالحركة سائر الحروف الصحاح، ومنه قوله ﴿ كلا إذا بلغت التراقي ﴾ [ القيامة : ٢٦ ]، وعلى نحو " حيّ " جاء قول الشاعر :[ مجزوء الكامل ]
عيّوا بأمرهم كما... عيّتْ ببيضتها الحمامه
ومنه قول لبيد :[ الرمل ]
سألتني جارتي عن أمتي... وإذا ما عيَّ ذو اللب سأل
وقول المتلمس :[ الطويل ]
فهذا أوان العرض حيّ ذبابه... زنابيره والأزرق المتلمس
ويروى جن ذبابه، قال أبو علي وغيره : هذا أن كل موضع تلزم الحركة فيه ياء مستقبلية فالإدغام في ماضيه جائز، ألا ترى أن قوله تعالى :﴿ على أن يحيي الموتى ﴾ [ الأحقاف : ٣٣، القيامة : ٤٠ ] لا يجوز الإدغام فيه لأن حركة النصب غير لازمة، ألا ترى أنها تزول في الرفع وتذهب في الجزم، ولا يلتفت إلى ما أنشد بعضهم لأنه بيت مجهول :[ الكامل ]
وكأنها بين النساء سبيكة... تمشي بسدة بيتها فتعي
قال ابو علي وأما قراءة من قرأ " حيي "، فبين ولم يدغم، فإن سيبويه قال : أخبرنا بهذه اللغة يونس، قال وسمعنا بعض العرب يقول أحيياء قال أبو حاتم : القراءة إظهار الياءين والإدغام حسن فاقرأ كيف تعلمت فإن اللغتين مشهورتان في كلام العرب، والخط فيه ياء واحدة.
قال القاضي أبو محمد : وفي هذه اللفظة استوعب أبو علي القول فيما تصرف من " حيي " كالحي الذي هو مصدر منه وغيره. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon