وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ﴾
قال مقاتل : صدَّق الله رؤيا رسوله التي أخبر بها المؤمنين عن قلة عدوهم قبل لقائهم، بأن قلَّلهم وقت اللقاء في أعينهم.
وقال ابن مسعود : لقد قلُّوا في أعيننا، حتى قلت لرجل إلى جانبي : أتُراهم سبعين؟ قال : أُراهم مائة ؛ حتى أخذنا رجلاً منهم، فسألناه، فقال : كنَّا ألفاً.
قال أبو صالح عن ابن عباس : استقلَّ المسلمون المشركين، والمشركون المسلمين، فاجترأ بعضهم على بعض.
فإن قيل : ما فائدة تكرير الرؤية هاهنا، وقد ذكرت في قوله :﴿ إذ يريكهم الله ﴾ ؟ فعنه جوابان.
أحدهما : أن الأولى كانت في المنام، والثانية في اليقظة.
والثاني : أن الأولى للنبي ﷺ خاصة.
والثانية : له ولأصحابه.
فإن قيل : تكثير المؤمنين في أعين الكافرين أولى، لمكان إعزازهم فعنه ثلاثة أجوبة.
أحدها : أنهم لو كثروا في أعينهم، لم يقدموا عليهم، فلم يكن قتال ؛ والقتال سبب النصر، فقلَّلهم لذلك.
والثاني : أنه قلَّلهم لئلا يتأهَّب المشركون كل التأهُّب، فإذا تحقق القتال، وجدهم المسلمون غير مستعدين، فظفروا بهم.
والثالث : أنه قلَّلهم ليحمل الأعداء عليهم في كثرتهم، فيغلبهم المسلمون، فيكون ذلك آية للمشركين ومنبِّهاً على نصرة الحق. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾