وقال ابن عطية :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾
هذا أمر بما فيه داعية النصر وسبب العز، وهي وصية من الله متوجهة بحسب التقييد التي في آية الضعف، ويجري مع معنى الآية قول النبي ﷺ :" لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا ".
قال القاضي أبو محمد : وهكذا ينبغي أن يكون المسلم في ولاية الإمارة والقضاء لا يطلب ولا يتمنى، فإن ابتلي صبر على إقامة الحق، و" الفئة " الجماعة أصلها فئوة وهي من فأوت أي جمعت، ثم أمر الله تعالى بإكثار ذكره هنالك إذ هو عصمة المستنجد ووزر المستعين، قال قتادة : افترض الله ذكره عند أشغل ما يكونون عند الضراب بالسيوف.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ذكر خفي لأن رفع الأصوات في موطن القتال رديء مكروه إذا كان إلغاطاً، فأما إن كان من الجمع عند الحملة فحسن فاتٌّ في عضد العدو، وقال قيس بن عباد : كان أصحاب رسول الله ﷺ يكرهون الصوت عند ثلاث : عند قراءة القرآن وعند الجنازة والقتال، وقال النبي ﷺ :" اطلبوا إجابة الدعاء عند القتال وإقامة الصلاة ونزول الغيث، " وقال ابن عباس يكره التلثم عند القتال.
قال القاضي أبو محمد : ولهذا والله أعلم يتسنن المرابطون بطرحه عند القتال على ضنانتهم به و﴿ تفلحون ﴾ تنالون بغيتكم وتبلغون آمالكم، وهذا مثل قول لبيد :[ الرجز ]
أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضْ... ضعف وقد يخدع الأريب. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾