الْمَقَامُ الثَّالِثُ : لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقُولُ لَهُ : لَوْ مِتَّ أَلَمْ تَكُنْ ابْنَتُك تَرِثُك ؟ قَالَ : نَعَمْ.
قَالَتْ لَهُ : فَأَعْطِنِي مِيرَاثِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :﴿ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ ﴾.
فَتَذَكَّرَ ذَلِكَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ، وَعَلِمَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَطَلْحَةَ وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ، وَأَقَرَّ بِهِ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ.
الْمَقَامُ الرَّابِعُ : لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّ الْعَرَبُ، وَانْقَاضَ الْإِسْلَامُ، وَتَزَلْزَلَتْ الْأَفْئِدَةُ، وَمَاجَ النَّاسُ ؛ فَارْتَاعَ الصَّحَابَةُ ؛ فَقَالَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ لِأَبِي بَكْرٍ : خُذْ مِنْهُمْ الصَّلَاةَ، وَدَعْ الزَّكَاةَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الدَّيْنُ، وَيَسْكُنَ جَأْشُ الْمُسْلِمِينَ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ :" وَاَللَّهِ
لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ ".
الْمَقَامُ الْخَامِسُ : قَالَتْ الصَّحَابَةُ لَهُ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ؛ أَبْقِ جَيْشَ أُسَامَةَ ؛ فَإِنَّ مَنْ حَوْلَك قَدْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ، " وَاَللَّهِ لَوْ لَعِبْت الْكِلَابُ بِخَلَاخِيلِ نِسَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا رَدَدْت جَيْشًا أَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
فَقَالُوا لَهُ : فَمَعَ مَنْ تُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ : وَحْدِي حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي.


الصفحة التالية
Icon