وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّ شَرَّ الدواب ﴾
بعد ما شرَح أحوال المهلَكين من شرار الكَفَرة شرَع في بيان أحوالِ الباقين منهم وتفصيلِ أحكامِهم.
وقوله تعالى :﴿ عَندَ الله ﴾ أي في حكمه وقضائه ﴿ الذين كَفَرُواْ ﴾ أي أصروا على الكفر ولجّوا فيه، جُعلوا شرَّ الدوابِّ لا شرَّ الناسِ إيماءً إلى أنهم بمعزل من مجانستهم وإنما هم من جنس الدوابِّ ومع ذلك شرٌّ من جميع أفرادِها حسبما نطقَ به قوله تعالى :﴿ إِنْ هُمْ إِلاَّ كالانعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾ ( سورة الفرقان، الآية ٤٤ ) وقوله تعالى :﴿ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ حكمٌ مترتبٌ على تماديهم في الفكر ورسوخِهم فيه وتسجيلٌ عليهم بكونهم من أصل الطبع لا يَلْويهم صارفٌ ولا يثنيهم عاطفٌ أصلا جيء به على وجه الاعتراضِ لا أنه عطفٌ كفروا داخلٌ معه في حيز الصلةِ التي لا حكمَ فيه بالفعل. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ ﴾
أي في حكمه وقضائه ﴿ الذين كَفَرُواْ ﴾ أي أصروا على الكفر ورسخوا فيه، وهذا شروع في بيان أحوال سائر الكفرة بعد بيان أحوال المهلكين منهم ولم يقل سبحانه شر الناس إيماء إلى أنهم بمعزل عن مجانستهم بل هم من جنس الدواب وأشر أفراده ﴿ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ حكم مترتب على تماديهم في الكفر ورسوخهم فيه وتسجيل عليهم بكونهم من أهل الطبع لا يلويهم صارف ولا يثنيهم عاطف جيء به على وجه الاعتراض، وقيل : عطف على الصلة مفهم معنى الحال كأنه قيل : إن شر الدواب الذين كفروا مصرين على عدم الإيمان، وقيل : الفاء فصيحة أي إذا علمات أن أولئك شر الدواب فاعلم أنهم لا يؤمنون أصلا فلا تتعب نفسك، وقيل : هي للعطف وفي ذلك تنبيه على أن تحقق المعطوف عليه يستدعي تحقق المعطوف حيث جعل ذلك مترتباً عليه ترتب المسبب على سببه والكل كما ترى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon