وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٥) ﴾
﴿ الدوآب ﴾ جمع دابة، والدابة هي كل ما يدب على وجه الأرض، فإذا كان هذا هو المعنى يكون الإنسان داخلاً في هذا التعريف، ولكن العرف اللغوي حدد الدابة بذوات الأربع، أي الحيوانات. وشرف الخالق سبحانه وتعالى الإنسان بأن جعله لا يمشي على أربع، فلا يدخل في هذا التعريف. وقول الحق سبحانه وتعالى :
﴿ إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ ﴾ [ الأنفال : ٥٥ ].
يبين لنا أن الله سبحانه وتعالى قد ألحق الكفار بالدواب واستثنى المؤمنين فقط، فسبحانه خلق الدواب وباقي أجناس الكون مقهورة تؤدي مهمتها في الحياة بالغريزة وبدون اختيار ؛ والشيء الذي يحدث بالغرائز لا تختلف فيه العقول، ولذلك نجد كثيراً من الأشياء نتعلمها نحن أصحاب العقول من الحيوانات والحشرات التي لا عقول لها ؛ لأن الحيوانات تتصرف بالغريزة، والغريزة لا تخطىء أبداً، فإذا قرأنا قول الحق سبحانه وتعالى :﴿ فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ﴾ [ المائدة : ٣١ ].
نجد أن الغراب الذي لا اختيار له، ولا عقل ؛ علم الإنسان الذي له عقل واختيار. وقد حدث ذلك لأن الغراب محكوم بالغريزة. إذن فكل ما يقوم به الحيوان من سلوك هو باختيار الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الحيوان مقهور على التكاليف. ومن رحمة الله تعالى أن المخلوقات باستثناء الإنسان خلقت مقهورة ؛ تفعل كل شيء بالغريزة وليس بالعقل، ولكن الإنسان الذي كرمه الله بالعقل يكفر ويعصي. رغم أن الحق أنعم على الإنسان بنعمة الاختيار.


الصفحة التالية
Icon