وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً ﴾
يعني وإن علمت من قوم نقض العهد ؛ والخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء، فلا يؤدي الأمانة.
وسمي ناقض العهد خائناً، لأنه اؤتمن بالعهد فغدر ونكث.
﴿ فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَاء ﴾، أي فأعلمهم بأنك قد نقضت العهد وأعلمهم بالحرب، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء.
وقال القتبي : إذا أردت أن تعرف فضل العربية على غيرها، فانظر في الآية.
وقد ترجموا سائر الكتب ؛ ومن أراد أن يترجم القرآن إلى لغة أُخرى، فلا يمكنه ذلك، لأنك لو أردت أن تنقل قوله :﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً ﴾ لم تستطع بهذا اللفظ، ما لم تبسط مجموعها وتظهر مستورها فتقول : إن كان بينك وبين قوم هدنة وعهد، فخفت منهم خيانة ونقضاً، فأعلمهم أنك قد نقضت ما شرطت لهم وآذنهم بالحرب، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء.
ثم قال :﴿ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين ﴾، يعني الناقضين للعهد. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ ﴾ تعلمنّ يا محمد ﴿ مِن قَوْمٍ ﴾ معاهدين لك ﴿ خِيَانَةً ﴾ نكث عهد ونقض عقد بما يظهر لك منهم من آثار الغدر والخيانة كما ظهر من قريظة والنضير ﴿ فانبذ إِلَيْهِمْ ﴾ فاطرح إليهم عهدهم ﴿ على سَوَآءٍ ﴾ وهذا من الحان القرآن، ومعناه : فناجزهم الحرب، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك فسخت العهد بينك وبينهم حتى تصير أنت وهم على سواء من العلم بأنك محارب، فيأخذوا للحرب أهبتها وتبرؤوا من الغدر، وقال الوليد بن مسلم : على سواء أي على مهل وذلك قوله ﴿ فَسِيحُواْ فِي الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ [ التوبة : ٢ ].
﴿ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon