ذلك أنّ الأمم تكون صالحة ثم تتغيّر أحوالها ببطر النعمة فيعظم فسادها، فذلك تغيير ما كانوا عليه ؛ فإذا أراد الله إصلاحهم أرسل إليهم هداة لهم، فإذا أصلحوا استمرّت عليهم النعم مثل قوم يونس وهم أهل ( نينوَى )، وإذا كذَّبوا وبطِروا النعمة غيّر الله ما بهم من النعمة إلى عذاب ونقمة.
فالغاية المستفادة من ﴿ حتّى ﴾ لانتفاء تغيير نعمة الله على الأقوام هي غاية متّسعة، لأنّ الأقوام إذا غيّروا ما بأنفسهم من هُدى ؛ أمهلهم الله زمناً ثم أرسل إليهم الرسل فإذا أرسل إليهم الرسل فقد نبّههم إلى اقتراب المؤاخذة ثم أمهلهم مدّة لتبليغ الدعوة والنظر فإذا أصرّوا على الكفر غيَّر نعمته عليهم بإبدالها بالعذاب أو الذلّ أو الأسر كما فعل ببني إسرائيل حين أفسدوا في الأرض فسلَّط عليهم الأشوريين.
و﴿ أنّ الله سميع عليم ﴾ عطف على قوله :﴿ بأن الله لم يك مغيراً ﴾ أي ذلك بأنّ الله يعلم ما يضمره الناس وما يعملونه ويعلم ما ينطقون به فهو يعاملهم بما يعلم منهم.
وذكر صفة ﴿ سميع ﴾ قبل صفة ﴿ عليم ﴾ يومىء إلى أن التغيير الذي أحدثه المعرَّض بهم متعلّق بأقوالهم وهو دعوتهم آلهة غير الله تعالى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٩ صـ ﴾