" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
﴿ذلك بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا على قَوْمٍ حتى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
" ذلك " مبتدأ وخبر أيضاً، كنظيره أي : ذلك العذابُ أو الانتقامُ بسبب أنَّ اللَّه.
قوله " لَمْ يَكُ " قال أكثرُ النحاةِ : إنَّما حذفت النون ؛ لأنَّها لم تشبه الغُنَّة المحضة فأشبهت حروف اللين ووقعت طرفاً، فحذفت تشبيهاً بها، كما تقولُ : لَمْ يَدْعُ، ولمْ يَرْمِ.
قال الواحدي - رحمه الله تعالى - :" هذا ينتقض بقولهم : لَمْ يَزنْ، ولمْ يَخنْ، ولم يسمع حذف النون ههنا ".
وأجاب علي بن عيسى فقال : إنَّ " كان " و" يكون " أم الأفعال، من أجل أن كل فعل قد حصل فيه معنى " كان "، فقولنا : ضرب، معناه : كان ضرب، ويضرب معناه يكون ضرب، وهكذا القول في الكُلِّ ؛ فثبت أنَّ هذه الكلمة أم الأفعال، فاحتيج إلى الاستعمال في أكثر الأوقات، فاحتملت هذا الحذف، بخلاف قولنا : لم يخُنْ، ولم يزن، فإنَّه لا حاجة إلى ذكرها كثيراً، فظهر الفرق. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ٥٤٣ ـ ٥٤٤﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) ﴾
إذا أَنْعَمَ الحقُّ - سبحانه - على قوم نِعمةً وأراد إمهالهم أكرمهم بتوفيق الشكر، فإذا شكروا نعمته فبقدر الشكر دامت فيهم.
وإذا أراد - سبحانه - إزالةَ نعمةٍ عن عبدٍ أَذَلَّه بخذلان الكفر، فإذا حَالَ عن طريق الشكر عرَّض النِّعمة للزوال. فما دام العبدُ يشكر النعمة مقيماً كان الحقُّ في إنعامه عليه مُديماً، فإذا قابل النعمة بالكفر انتثر سِلْكُ نظامه، فبقدر ما يزيد في إصراره يزول الأمر عن قراره. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٦٣٣﴾