ثُمَّ أَوْرَدَ شَوَاهِدَ مِنْهُ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ مُرَادِهِ، وَبَيَانِ تَفَوُّقِ الْإِنْكِلِيزِ عَلَى الْفَرَنْسِيسِ بِأَخْلَاقِهِمْ، فَإِنَّ فَسَادَ الْأَخْلَاقِ الَّذِي أَهْلَكَ الْأُمَمَ التَّارِيخِيَّةَ الشَّهِيرَةَ كَالْفُرْسِ وَالْيُونَانِ وَالرُّومَانِ وَالْعَرَبِ قَدْ دَبَّ إِلَى الْإِفْرِنْجِ، وَكَانَ بَدْءُ فَتْكِهِ بِاللَّاتِينِ وَلَا سِيَّمَا الْفَرَنْسِيسُ مِنْهُمْ، فَقَلَّ نَسْلُهُمْ، وَصَارُوا يَرْجِعُونَ الْقَهْقَرِيَّ أَمَامَ الْإِنْكِلِيزِ وَإِخْوَانِهِمِ الْأَمِيرِكَانِيِّينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، دَعِ الْأَلْمَانَ الَّذِينَ فَاقُوا الْفَرِيقَيْنِ.
وَقَدْ دَبَّ هَذَا الْفَسَادُ الْأَخْلَاقِيُّ إِلَى الْإِنْكِلِيزِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَعْظَمُ فَلَاسِفَتِهِمْ (هِرْبِرْت سِبِنْسَر) الشَّهِيرُ لِأُسْتَاذِنَا الشَّيْخِ (مُحَمَّد عَبْدُهُ) وَسَبَقَ نَقْلُهُ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ مِنْ أَنَّ الْأَفْكَارَ الْمَادِّيَّةَ الَّتِي أَفْسَدَتْ أَخْلَاقَ اللَّاتِينَ فِي أُورُبَّةَ قَدْ دَبَّتْ إِلَى الْإِنْكِلِيزِ، وَأَخَذَتْ تَفْتِكُ بِأَخْلَاقِهِمْ، وَأَنَّهَا سَتُفْسِدُ أُورُبَّةَ كُلَّهَا.
وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ الْمُتَعَلِّمِينَ فِي هَذَا


الصفحة التالية
Icon