إِنَّنِي ذَكَرْتُ فِي فَاتِحَةِ هَذَا التَّفْسِيرِ مِنَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَسْلَكَ جَرِيدَةِ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِصْلَاحِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِرْشَادِ الْقُرْآنِ، وَبَيَانِهِ لِسُنَنِ اللهِ تَعَالَى فِي الْإِنْسَانِ وَالْأَكْوَانِ قَدْ فَتَحَ لِي فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ بَابًا لَمْ يَأْخُذْ بِحَلْقَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِنَّنِي أَخْتِمُ هَذَا الْفَصْلَ الِاسْتِطْرَادِيَّ بِمَقَالَةٍ مِنْ مَقَالَاتِ تِلْكَ الْجَرِيدَةِ افْتَتَحَهُ أُسْتَاذُنَا مُحَرِّرُهَا رَحِمَهُ اللهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا، لِيَكُونَ مِصْبَاحًا لِلْمُفَسِّرِينَ وَالْمُرْشِدِينَ وَالْوُعَّاظِ يَهْتَدُونَ بِضَوْئِهِ - وَلِيُعْلَمَ الْفَرْقُ بَيْنَ فَهْمِ هَذَا الْإِمَامِ وَأُسْتَاذِهِ الْحَكِيمِ لِلْقُرْآنِ، وَبَيْنَ أَفْهَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ كَانَتْ حُظُوظُهُمْ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ كِتَابَةَ سَطْرَيْنِ أَوْ بِضْعَةَ أَسْطُرٍ أَكْثَرُهَا فِي غَيْرِ سَبِيلِ هِدَايَتِهَا. وَهَذَا نَصُّ الْمَقَالَةِ :
الْمَقَالَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ
سُنَنُ اللهِ فِي الْأُمَمِ وَتَطْبِيقُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ
إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (١٣ : ١١) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (٨ : ٥٣).