قلنا : هذا الإرهاب من وجهين : الأول : أنهم إذا شاهدوا قوة المسلمين وكثرة آلاتهم وأدواتهم انقطع عنهم طمعهم من أن يصيروا مغلوبين، وذلك يحملهم على أن يتركوا الكفر في قلوبهم وبواطنهم ويصيروا مخلصين في الإيمان، والثاني : أن المنافق من عادته أن يتربص ظهور الآفات ويحتال في إلقاء الإفساد والتفريق فيما بين المسلمين، فإذا شاهد كون المسلمين في غاية القوة خافهم وترك هذه الأفعال المذمومة.
والقول الثاني : في هذا الباب ما رواه ابن جريج عن سليمان بن موسى قال : المراد كفار الجن.
روي أن النبي ﷺ قرأ :﴿وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مّن قُوَّةٍ وَمِن﴾ فقال إنهم الجن.
ثم قال :" إن الشيطان لا يخبل أحداً في دار فيها فرس عتيق " وقال الحسن : صهيل الفرس يرهب الجن، وهذا القول مشكل، لأن تكثير آلات الجهاد لا يعقل تأثيره في إرهاب الجن.
والقول الثالث : أن المسلم كما يعاديه الكافر، فكذلك قد يعاديه المسلم أيضاً، فإذا كان قوي الحال كثير السلاح، فكما يخافه أعداؤه من الكفار، فكذلك يخافه كل من يعاديه مسلماً كان أو كافراً.
ثم إنه تعالى قال :﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء فِى سَبِيلِ الله﴾ وهو عام في الجهاد وفي سائر وجوه الخيرات ﴿يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ قال ابن عباس : يوف لكم أجره، أي لا يضيع في الآخرة أجره، ويعجل الله عوضه في الدنيا ﴿وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾ أي لا تنقصون من الثواب، ولما ذكر ابن عباس هذا التفسير تلا قوله تعالى :﴿اتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مّنْهُ شَيْئًا﴾ [ الكهف : ٣٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٤٨ ـ ١٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon