وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾.
فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِإِعْدَادِ الْقُوَّةِ لِلْأَعْدَاءِ بَعْدَ أَنْ أَكَّدَ فِي تَقَدُّمَةِ التَّقْوَى ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَهَزَمَهُمْ بِالْكَلَامِ، وَالتَّفْلِ فِي الْوُجُوهِ، وَحَفْنَةٍ مِنْ تُرَابٍ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبْلِيَ بَعْضَ النَّاسِ بِبَعْضٍ، بِعِلْمِهِ السَّابِقِ وَقَضَائِهِ النَّافِذِ ؛ فَأَمَرَ بِإِعْدَادِ الْقُوَى وَالْآلَةِ فِي فُنُونِ الْحَرْبِ الَّتِي تَكُونُ لَنَا عُدَّةً، وَعَلَيْهِمْ قُوَّةً، وَوَعَدَ عَلَى الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى بِأَمْدَادِ الْمَلَائِكَةِ الْعُلْيَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ : عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ؛ قَالَ :﴿ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ :{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ ؛ فَقَالَ : أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ } ثَلَاثًا.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ :{ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ بِالسِّهَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ.


الصفحة التالية
Icon