قال القاضي أبو محمد : وهذا هو الصواب، و﴿ الخيل ﴾ والمركوب في الجملة والمحمول عليه من الحيوان والسلاح كله والملابس الباهتة والآلات والنفقات كلها داخلة في القوة، وأمر المسلمون بإعداد ما استطاعوا من ذلك، ولما كانت الخيل هي أصل الحروب وأوزارها والتي عقد الخير في نواصيها وهي أقوى القوة وحصون الفرسان خصها الله بالذكر تشريفاً على قوله ﴿ من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل ﴾ [ البقرة : ٩٨ ] وعلى نحو قوله ﴿ فاكهة ونخل ورمان ﴾ [ الرحمن : ٦٨ ] وهذا كثير، ونحوه قول رسول الله ﷺ " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، " هذا في البخاري وغيره، وقال في صحيح مسلم " جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً "، فذكرت التراب على جهة التحفي به إذ هو أعظم أجزاء الأرض مع دخوله في عموم الحديث الآخر، ولما كانت السهام من أنجع ما يتعاطى في الحرب وأنكاه في العدو وأقربه تناولاً للأرواح خصها رسول الله صلى الله عيله وسلم بالذكر والتنبيه عليها، وقد روي عنه ﷺ أنه قال " إن الله تعالى يدخل بالسهم الواحد الثلاثة من المسلمين الجنة، صانعة والذي يحتسب في صنعته والذي يرمي به " وقال عمرو بن عنبسة : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" من رمى بسهم في سبيل الله أصاب العدو أو أخطأ فهو كعتق رقبة " وقال رسول الله ﷺ يقول :" ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا " و﴿ رباط الخيل ﴾ جمع ربط ككلب وكلاب، ولا يكثر ربطها إلا وهي كثيرة، ويجوز أن يكون الرباط مصدراً من ربط كصاح صياحاً ونحوه لأن مصادر الثلاثي غير المزيد لا تنقاس، وإن جعلناه مصدراً من رابط فكأن ارتباط الخيل واتخاذها يفعله كل واحد لفعل آخر له فترابط المؤمنون بعضهم بعضاً، فإذا ربط كل واحد منهم فرساً لأجل صاحبه فقد حصل بينهم رباط، وذلك الذي حض في الآية عليه، وقد قال ﷺ :


الصفحة التالية
Icon