فصل


قال الفخر :
﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (٥٩) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنه تعالى لما بين ما يفعل الرسول في حق من يجده في الحرب ويتمكن منه وذكر أيضاً ما يجب أن يفعله فيمن ظهر منه نقض العهد، بين أيضاً حال من وفاته في يوم بدر وغيره، لئلا يبقى حسرة في قلبه فقد كان فيهم من بلغ في أذية الرسول عليه الصلاة والسلام مبلغاً عظيماً فقال :﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ * سَبَقُواْ﴾ والمعنى : أنهم لما سبقوا فقد فاتوك ولم تقدر على إنزال ما يستحقونه بهم، ثم ههنا قولان : الأول : أن المراد ولا تحسبن أنهم انفلتوا منك، فإن الله يظفرك بعيرهم.
والثاني : لا تحسبن أنهم لما تخلصوا من الأسر والقتل أنهم قد تخلصوا من عقاب الله ومن عذاب الآخرة ﴿إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ﴾ أي أنهم بهذا السبق لا يعجزون الله من الانتقام منهم والمقصود تسلية الرسول فيمن فاته ولم يتمكن من التشفي والانتقام منه.
المسألة الثانية :
قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم "لا يحسبن" بالياء المنقطة من تحت، وفي تصحيحه ثلاثة أوجه : الأول : قال الزجاج : ولا يحسبن الذين كفروا أن يسبقونا، لأنها في حرف ابن مسعود أنهم سبقونا فإذا كان الأمر كذلك فهي بمنزلة قولك حسبت أن أقوم، وحسبت أقوم وحذف أن كثير في القرآن قال تعالى :﴿قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ﴾ والمعنى : أن أعبد.
الثاني : أن نضمر فاعلاً للحسبان ونجعل الذين كفروا المفعول الأول، والتقدير : ولا يحسبن أحد الذين كفروا.


الصفحة التالية
Icon