وقال القرطبى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤) ﴾
ليس هذا تكريراً ؛ فإنه قال فيما سبق :﴿ وَإِن يريدوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ الله ﴾ وهذه كفاية خاصة.
وفي قوله :﴿ يا أيها النبي حَسْبُكَ الله ﴾ أراد التعميم ؛ أي حسبك الله في كل حال.
وقال ابن عباس : نزلت في إسلام عمر ؛ فإن النبيّ ﷺ كان أسلم معه ثلاثة وثلاثون رجلاً وستُّ نسوة ؛ فأسلم عمر وصاروا أربعين.
والآية مكية، كُتبت بأمر رسول الله ﷺ في سورةٍ مدنيّة ؛ ذكره القُشيريّ.
قلت : ما ذكره من إسلام عمر رضي الله عنه عن ابن عباس ؛ فقد وقع في السيرة خلافه.
عن عبد الله بن مسعود قال : ما كنا نقدر على أن نُصلّيَ عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلّينا معه.
وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله ﷺ إلى الحبشة.
قال ابن إسحاق ؛ وكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين، سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغاراً أو ولدوا بها، ثلاثةً وثمانين رجلاً، إن كان عمّار ابن ياسر منهم.
وهو يُشكّ فيه.
وقال الكَلْبيّ : نزلت الآية بالبَيْداء في غزوة بدر قبل القتال.
قوله تعالى :﴿ وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين ﴾ قيل : المعنى حسبك الله، وحسبك المهاجرون والأنصار.
وقيل : المعنى كافيك الله، وكافي من تبعك ؛ قاله الشَّعْبِيّ وابن زيد.
والأوّل عن الحسن.
واختاره النحاس وغيره.
ف "مَن" على القول الأوّل في موضع رفع، عطفاً على اسم الله تعالى.
على معنى : فإن حسبك الله وأتباعك من المؤمنين.
وعلى الثاني على إضمار.
ومثلُه قوله ﷺ :" يَكْفِينِيه اللَّهُ وأبناء قَيْلة " وقيل : يجوز أن يكون المعنى ﴿ وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين ﴾ حسبهم الله ؛ فيضمر الخبر.
ويجوز أن يكون "مَن" في موضع نصب، على معنى : يكفيك الله ويكفي من اتبعك. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾