وقال أبو حيان :
﴿يا أيها النبيّ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ﴾ نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال، وقال ابن عباس وابن عمر وأنس : في إسلام عمر، قال ابن جبير : أسلم ثلاثة وثلاثون رجلاً وست نسوة ثم أسلم عمر فنزلت، والظاهر رفع ﴿ ومن ﴾ عطفاً على ما قبله وعلى هذا فسّره الحسن وجماعة أي ﴿ حسبك الله ﴾ و﴿ المؤمنون ﴾، وقال الشعبي وابن زيد معنى الآية : حسبك الله وحسب من اتبعك، قال ابن عطية : فمن في هذا التأويل في موضع نصب عطفاً على موضع الكاف لأنّ موضعها نصب على المعنى بيكفيك الذي سدّت ﴿ حسبك ﴾ مسدّها انتهى، وهذا ليس بجيّد لأنّ حسبك ليس مما تكون الكاف فيه في موضع نصب بل هذه إضافة صحيحة ليست من نصب و﴿ حسبك ﴾ مبتدأ مضاف إلى الضمير وليس مصدراً ولا اسم فاعل إلا أنّ قيل إنه عطف على التوهم كأنه توهم أنه قيل يكفيك الله أو كفاك الله، ولكنّ العطف على التوهم لا ينقاس فلا يحمل عليه القرآن ما وجدت مندوحة عنه والذي ينبغي أن يحمل عليه كلام الشعبي وابن زيد هو أن يكون ومن مجرورة على حذف وحسب لدلالة ﴿ حسبك ﴾ عليه فيكون كقوله :
أكل امرىء تحسبين امرأ...
ونار توقد بالليل نارا
أي وكلّ نار فلا يكون من العطف على الضمير المجرور، وقال ابن عطية : وهذا الوجه من حذف المضاف مكروه بأنه ضرورة الشعر انتهى، وليس بمكروه ولا ضرورة وقد أجاز سيبوبه في الكلام وخرج عليه البيت وغيره من الكلام الفصيح، قال الزمخشري ﴿ ومن اتبعك ﴾ الواو بمعنى مع وما بعده منصوب تقول وحسبك وزيداً درهم ولا يجرّ لأنّ عطف الظاهر المجرور على المكنى ممتنع.
قال :
فحسبك والضحّاك سيف مهند...