الأعراف : ١٩٦ ] كما أن النزاع في الأنفال ميل إلى الدنيا، وكل ذلك بمعزل عن معالي الأخلاق وكرائم السجايا، معللاً لعدم الكون المذكور بما تقديره : لأن الأسر إنما يراد به الدنيا، هكذا الأصل ولكنه أبرز في أسلوب الخطاب لأنه أوقع في النفس فقال :﴿تريدون﴾ أي أنها المؤمنون المرغبون في الإنفاق لا في الجمع، باستبقائهم ﴿عرض الدنيا﴾ قال الراغب : العرض ما لا ثبات له، ومنه استعاره المتكلمون لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون، وقال ابن هشام في تهذيب السيرة، أي المتاع الفداء بأخذ الرجال ﴿والله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿يريد﴾ أي لكم ﴿الآخرة﴾ اي جوهرها لأنه يأمر بذلك أمراً هو في تأكيده ليمتثل كالإرادة التي لا يتخلف مرادها، وذلك بالإثخان في قتلهم لظهور الدين الذي تريدون إظهاره والذي به تدرك الآخرة، ولا ينبغي للمحب أن يريد إلا ما يريد حبيبه ﴿والله﴾ أي الملك الأعظم ﴿عزيز﴾ أي منزه جنابه العلي عن لحاق شيء مما فيه أدنى سفول ﴿حكيم﴾ أي لا يصدر عنه فعل إلا وهو في غاية الإتقان فهو يأمر بالإثخان عند ظهور قوة المشركين، فإذا ضعفت وقوي المسلمون فأنتم بالخيار، ولا يصح ادعاء ولايته إلا لمن ترقى في معارج صفاته، فيكون عزيزاً في نفسه فلا يدنسها بالأطماع الفانية، وفعله فلا يحطه عن أوج المعالي إلى حضيض المهاوي، وحكيماً فلا ينشأ عنه فعل إلا وهو في غاية الإتقان. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٢٤٣ ـ ٢٤٤﴾


الصفحة التالية