وقال أبو حيان فى الآيتين :
﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾.
نزلت في أسرى بدر وكان الرسول ( ﷺ ) قد استشار أبا بكر وعمر وعليّاً فأشار أبو بكر بالاستحياء وعمر بالقتل في حديث طويل يوقف عليه في صحيح مسلم، وقرأ أبو الدرداء وأبو حيوة ما كان للنبي معرّفاً والمراد به في التنكير والتعريف الرسول ( ﷺ ) ولكن في التنكير إبهام في كون النفي لم يتوجه عليه معيناً وتقدّم مثل هذا التركيب وكيفية هذا النفي وهو هنا على حذف مضاف أي ما كان لأصحاب نبي أو لأتباع نبيّ فحذف اختصاراً ولذلك جاء الجمع في قوله ﴿ تريدون عرض الدنيا ﴾ ولم يجيء التركيب تريد أو يريد عرض الدنيا لأنه ( ﷺ ) لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا أراد عرض الدنيا قط، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب وقد طول المفسرون في قصّة هؤلاء الأسارى، وذلك مذكور في السّير وحذفناه نحن لأن في بعضه ما لا يناسب ذكره بالنسبة إلى مناصب الرسل.
وقرأ أبو عمرو أن تكون على تأنيث لفظ الجمع وباقي السبعة والجمهور على التذكير على المعنى، وقرأ الجمهور والسبعة ﴿ أسرى ﴾ على وزن فعلى وهو قياس فعيل بمعنى مفعول إذا كان آفة كجريج وجرحى، وقرأ يزيد بن القعقاع والمفضل عن عاصم أسارى وشبه فعيل بفعلان نحو كسلان وكسالى كما شبهوا كسلان بأسير فقالوا فيه جمعاً كسلى قاله سيبويه وهما شاذّان، وزعم الزجاج أن أسارى جمع أسرى فهو جمع جمع وقد تقدم لنا ذكر الخلاف في فعلى أهو جمع أو اسم جمع وأنّ مذهب سيبويه أنه من أبنية الجموع ومدلول أسرى وأسارى واحد، وقرأ أبو عمرو بن العلاء الأسرى هم غير الموثوقين عندما يؤخذون والأسارى هم الموثقون ربطاً، وحكى أبو حاتم أنه سمع ذلك من العرب وقد ذكره أيضاً أبو الحسن الأخفش، وقال العرب : لا تعرف هذا كلاهما عندهم سواء.


الصفحة التالية
Icon