وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ مُطْعِمًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْغَنِيمَةَ فَفَعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ لَهُمْ الْغَنِيمَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ سَتَحِلُّ لَهُمْ الْغَنِيمَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يُزِيلُ عَنْهُمْ حُكْمَ الْحَظْرِ قَبْلَ إحْلَالِهَا، وَلَا يُخَفِّفُ مِنْ عِقَابِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّأْوِيلُ أَنَّ إزَالَةَ الْعِقَابِ لِأَجْلِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَعْلُومِهِ إبَاحَةُ الْغَنَائِمِ لَهُمْ بَعْدَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَيْضًا، وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَا سَبَقَ مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ قَوْمًا إلَّا بَعْدَ تَقَدُّمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ فِيهَا، وَهَذَا وَجْهٌ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِتَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَى أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَبَقَاءُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ مِنْ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا فَاسْتَبَاحُوهَا عَلَى ظَنٍّ مِنْهُمْ أَنَّهَا
مُبَاحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُمْ مِنْ النَّبِيِّ قَوْلٌ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِمْ، وَلَا إخْبَارٌ مِنْهُ إيَّاهُمْ بِتَحْرِيمِهَا عَلَى الْأُمَمِ السَّالِفَةِ فَلَمْ يَكُنْ خَطَؤُهُمْ فِي ذَلِكَ مَعْصِيَةً يُسْتَحَقّ عَلَيْهَا الْعِقَابُ.
قَوْله تَعَالَى ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ فِيهِ إبَاحَةُ الْغَنَائِمِ، وَقَدْ كَانَتْ مَحْظُورَةً قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ ﴿ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ قَبْلَكُمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon