وتمام التحقيق فيه أن الجنسية علة الضم وشبيه الشيء منجذب إليه، والمشركون واليهود والنصارى لما اشتركوا في عداوة محمد ﷺ صارت هذه الجهة موجبة لانضمام بعضهم إلى بعض وقرب بعضهم من بعض وذلك يدل على أنهم ما أقدموا على تلك العداوة لأجل الدين، لأن كل واحد منهم كان في نهاية الإنكار لدين صاحبه، بل كان ذلك من أدل الدلائل على أن تلك العداوة لمحض الحسد والبغي والعناد.
ثم إنه تعالى لما بين هذه الأحكام قال :﴿إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأرض وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ والمعنى : إن لم تفعلوا ما أمرتكم به في هذه التفاصيل المذكورة المتقدمة تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة، وبيان هذه الفتنة والفساد من وجوه : الأول : أن المسلمين لو اختلطوا بالكفار في زمان ضعف المسلمين وقلة عددهم، وزمان قوة الكفار وكثرة عددهم، فربما صارت تلك المخالطة سبباً لالتحاق المسلم بالكفار.
الثاني : أن المسلمين لو كانوا متفرقين لم يظهر منهم جمع عظيم، فيصير ذلك سبباً لجراءة الكفار عليهم.
الثالث : أنه إذا كان جمع المسلمين كل يوم في الزيادة في العدة والعدة، صار ذلك سبباً لمزيد رغبتهم فيما هم فيه ورغبة المخالف في الالتحاق بهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٦٨﴾


الصفحة التالية
Icon