وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ والذين كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ ﴾
قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين ؛ فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض، والكفار بعضهم أولياء بعض، يتناصرون بدينهم ويتعاملون باعتقادهم.
قال علماؤنا في الكافرة يكون لها الأخ المسلم : لا يزوّجها، إذ لا ولاية بينهما، ويزوّجها أهل ملّتها.
فكما لا يزوّج المسلمةَ إلا مسلم فكذلك الكافرة لا يزوّجها إلا كافر قريب لها، أو أسْقُف، ولو من مسلم ؛ إلا أن تكون معتقة ؛ فإن عُقد على غير المعتقة فُسخ إن كان لمسلم، ولا يعرض للنّصرانيّ.
وقال أَصْبَغ : لا يفسخ، عقدُ المسلم أولى وأفضل.
الرابعة قوله تعالى :﴿ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ ﴾ الضمير عائد على الموارثة والتزامها.
المعنى : إلا تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون ؛ قاله ابن زيد.
وقيل : هي عائدة على التناصر والمؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي.
ابن جُريج وغيره : وهذا إن لم يفعل تقع الفتنة عنه عن قريب ؛ فهو آكد من الأوّل.
وذكر الترمذِيّ عن عبد الله بن مسلم بن هُرْمز عن محمد وسعد ابني عبيد عن أبي حاتم المزني قال قال رسول الله ﷺ :" "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
قالوا : يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال :"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" " ثلاث مرات.
قال : حديث غريب.
وقيل : يعود على حفظ العهد والميثاق الذي تضمنه قوله :﴿ إِلاَّ على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ ﴾.
وهذا وإن لم يفعل فهو الفتنة نفسها.
وقيل : يعود على النصر للمسلمين في الدين.
وهو معنى القول الثاني.
قال ابن إسحاق ؛ جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولايته في الدِّين دون من سواهم، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض.
ثم قال :﴿ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ ﴾ وهو أن يتوَلّى المؤمنُ الكافرَ دون المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon