فصل
قال الفخر :
أما قوله :﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
في تفسير هذه الخيانة وجوه : الأول : أن المراد منه الخيانة في الدين وهو الكفر، يعني إن كفروا بك فقد خانوا الله من قبل.
الثاني : أن المراد من الخيانة منع ما ضمنوا من الفداء.
الثالث : روي أنه عليه السلام لما أطلقهم من الأسر عهد معهم أن لا يعودوا إلى محاربته وإلى معاهدة المشركين، وهذا هو العادة فيمن يطلق من الحبس والأسر، فقال تعالى :﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ﴾ أي نكث هذا العهد فقد خانوا الله من قبل، والمراد أنهم كانوا يقولون
﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين﴾ [ يونس : ٢٢ ] ﴿وَلَئِنِ صالحا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين﴾ [ الأعراف : ١٨٩ ] ثم إذا وصلوا إلى النعمة وتخلصوا من البلية نكثوا العهد ونقضوا الميثاق، ولا يمنع دخول الكل فيه، وإن كان الأظهر هو هذا الأخير.
ثم قال تعالى :﴿فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ﴾ قال الأزهري : يقال أمكنني الأمر يمكنني فهو ممكن ومفعول الإمكان محذوف، والمعنى : فأمكن المؤمنين منهم، والمعنى أنهم خانوا الله بما أقدموا عليه من محاربة الرسول يوم بدر فأمكن الله منهم قتلاً وأسراً، وذلك نهاية الإمكان والطفر.
فنبه الله بذلك على أنهم قد ذاقوا وبال ما فعلوه ثم، فإن عادوا كان التمكين منهم ثابتاً حاصلاً، وفيه بشارة للرسول ﷺ بأنه يتمكن من كل من يخونه وينقض عهده.
ثم قال :﴿والله عَلِيمٌ﴾ أي ببواطنهم وضمائرهم ﴿حَكِيمٌ﴾ يجازيهم بأعمالهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٦٤﴾