وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله ﴾ الآية،
قول أمر أن يقوله للأسرى ويورد معناه عليهم، والمعنى إن أخلصوا فعل بهم كذا وإن أبطنوا خيانة ما رغبوا أن يؤتمنوا عليه من العهد فلا يسرهم ذلك ولا يسكنوا إليه، فإن الله بالمرصاد لهم الذي خانوا قبل بكفرهم وتركهم النظر في آياته وهو قد بينها لهم إدراكاً يحصلونها به فصار كعهد متقرر، فجعل جزاؤهم على خيانتهم إياه أن مكن منهم المؤمنين وجعلهم أسرى في أيديهم، وقوله ﴿ عليم حكيم ﴾ صفتان مناسبتان، أي عليم بما يبطنونه من إخلاص أو خيانة حكيم فيما يجازيهم به.
قال القاضي أبو محمد : وأما تفسير هذه الآية بقصة عبد الله بن أبي سرح فينبغي أن يحرر، فإن جلبت قصة عبد الله بن أبي سرح على أنها مثال كما يمكن أن تجلب أمثلة في عصرنا من ذلك فحسن، وإن جلبت على أن الآية نزلت في ذلك فخطأ، لأن ابن أبي سرح إنما تبين أمره في يوم فتح مكة، وهذه الآية نزلت عقيب بدر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وإن يريدوا خيانتك ﴾
يعني : إن أراد الأُسراء خيانتك بالكفر بعد الإسلام ﴿ فقد خانوا الله من قبل ﴾ إذ كفروا به قبل أسرهم.
وقال ابن زيد : فقد خانوا بخروجهم مع المشركين ؛ وقد ذكرنا عنه أنها نزلت في قوم تكلَّموا بالإسلام.
وقال مقاتل : المعنى : إن خانوك أمكنتك منهم فقتلتهم وأسرتهم كما أمكنتُك ببدر.
قال الزجاج :﴿ والله عليم ﴾ بخيانة إن خانوها ﴿ حكيم ﴾ في تدبيره عليهم ومجازاته إياهم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon