وقال الشوكانى فى الآيتين :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٧١) ﴾
اختلاف القراء في أسرى والأسارى هو هنا كما سبق في الآية قبل هذه.
خاطب الله النبيّ ﷺ بهذا، أي قل لهؤلاء الأسرى الذين هم في أيديكم أسرتموهم يوم بدر وأخذتم منهم الفداء، ﴿ إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً ﴾ من حسن إيمان، وصلاح نية، وخلوص طوية ﴿ يُؤْتِكُمْ خَيْراً مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ ﴾ من الفداء : أي يعوّضكم في هذه الدنيا رزقاً خيراً منه، وأنفع لكم، أو في الآخرة بما يكتبه لكم من المثوبة بالأعمال الصالحة ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ ذنوبكم ﴿ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ شأنه المغفرة لعباده والرحمة لهم.
ولما ذكر ما ذكره من العوض لمن علم في قلبه خيراً ذكر من هو على ضدّ ذلك منهم فقال :﴿ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ ﴾ بما قالوه لك بألسنتهم من أنهم قد آمنوا بك وصدّقوك، ولم يكن ذلك منهم عن عزيمة صحيحة ونية خالصة، بل هو مماكرة ومخادعة، فليس ذلك بمستبعد منهم، فإنهم قد فعلوا ما هو أعظم منه، وهو أنهم خانوا الله من قبل أن تظفر بهم، فكفروا به وقاتلوا رسوله ﴿ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ﴾ بأن نصرك عليهم في يوم بدر، فقتلت منهم من قتلت وأسرت من أسرت ﴿ والله عَلِيمٌ ﴾ بما في ضمائرهم ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في أفعاله بهم.


الصفحة التالية
Icon