وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول الله، ما أصبتم من عشرين أوقية من مال كان معي. فقال رسول الله ﷺ :< لا، ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك >.
ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه، فأنزل الله عز وجل فيه :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُم ﴾ الآية.
قال العباس : فأعطاني الله مكان العشرين الأوقية في الإسلام، عشرين عبداً كلهم في يده مال، يضرب به، مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل.
وروى ابن إسحاق أيضاً أن العباس كان يقول : في نزلت، والله ! حين ذكرت لرسول الله ﷺ إسلامي.
وروى ابن جريج عن عطاء بن عباس، أن عباساً وأصحابه قالوا للنبي ﷺ : آمنا بما جئت به، ونشهد أنك رسول الله، لننصحن لك على قومنا، فأنزل الله تعالى :﴿ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ الآية. قال، فكان العباس يقول : ما أحب أن هذه الآية لم تنزل فينا، وأن لي الدنيا، لقد قال :﴿ يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُم ﴾ فقد أعطاني خيراً مما أخذ منى مائة ضعف. وقال :﴿ وَيَغَفِرْ لَكُمْ ﴾ وأرجو أن قد غفر لي.
وروى البيهقي عن أنس قال : أُتي رسول الله ﷺ بمال من البحرين، فقال :< انثروه في مسجدي >. قال، وكان أكثر ما أتي به رسول الله ﷺ، فخرج إلى الصلاة، ولم يلتفت إليهم، فلما قضى الصلاة فجاء فجلس إليه، فما كان يرى أحداً إلا أعطاه، إذ جاءه العباس فقال : يا رسول الله ! أعطني، فاديت نفسي، وفاديت عقيلاً، فقال رسول الله ﷺ :< خذ >، فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله، فلم يستطع. فقال : مر بعضهم يرفعه إلي، قال : لا، قال :< فارفعه أنت علي >، قال : لا ! فنثر منه، ثم احتمله على كاهله، ثم انطلق، فما زال رسول الله ﷺ يتبعه ببصره حتى خفي عنه، عجباً من حرصه.