وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا ﴾
مقصد هذه الآية وما بعدها تبيين منازل المهاجرين والأنصار والمؤمنين الذين لم يهاجروا، والكفار والمهاجرين بعد الحديبية، وذكر نسب بعضهم من بعض، فقدم أولاً ذكر المهاجرين وهم أصل الإسلام، وانظر تقديم عمر لهم في الاستشارة و" هاجر " معناه أهله وقرابته وهجروه، ﴿ وجاهدوا ﴾ معناه أجهدوا أنفسهم في حرب من أجهد نفسه في حربهم، ﴿ والذين آوو ونصروا ﴾ هم الأنصار وآوى معناه هيأ مأوى وهوالملجأ والحرز، فحكم الله على هاتين الطائفتين بأن ﴿ بعضهم أولياء بعض ﴾، فقال كثير من المفسرين هذه الموالاة هي المؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي، وعليه فسر الطبري الآية، وهذا الذي قالوا لازم من دلالة اللفظ، وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وكثير منهم إن هذه الموالاة هي في الميراث، وذلك أن النبي ﷺ آخى بين المهاجرين والأنصار، وكانت بين الأنصار أخوة النسب وكانت أيضاً بين بعض المهاجرين فكان المهاجريّ إذا مات ولم يكن له بالمدينة ولي مهاجريّ وورثه أخوه الأنصاري، وإن كان له ولي مسلم لم يهاجر، وكان المسلم الذي لم يهاجر لا ولاية بينه وبين قريبه المهاجري لا يرثه، قال ابن زيد : واستمر أمرهم كذلك إلى فتح مكة، ثم توارثوا بعد ذلك لما لم تكن هجرة.