وقال ابن عطية :
قوله ﴿ من بعد ﴾ يريد به من بعد الحديبية وبيعة الرضوان وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة قبل ذلك، وكان يقال لها الهجرة الثانية، لأن الحرب وضعت أوزارها نحو عامين، ثم كان فتح مكة وبه قال صلى الله عليه وسلم
" لا هجرة بعد الفتح "، وقال الطبري : المعنى من بعد ما بينت لكم حكم الولاية.
قال القاضي أبو محمد : فكان الحاجز بين الهجرتين نزول الآية، فأخبر الله تعالى في هذه الآية بأنهم من الأولين في المؤازرة وسائر وأحكام الإسلام، وقوله تعالى :﴿ وجاهدوا معكم ﴾ لفظ يقتضي أنهم تبع لا صدر، قوله ﴿ فأولئك منكم ﴾ كذلك، ونحوه قال النبي ﷺ :" مولى القوم منهم وابن أخت القوم منهم "، وقوله ﴿ وأولو الأرحام ﴾ إلى آخر السورة، قال من تقدم ذكره هي في المواريث وهي ناسخة للحكم المتقدم ذكره من أن يرث المهاجري الأنصاري، ووجب بهذه الآية الأخيرة أن يرث الرجل قريبه وإن لم يكن مهاجراً معه، وقالت فرقة منها مالك بن أنس رحمه الله : إن الآية ليست في المواريث، وهذا فرار عن توريث الخال والعمة ونحو ذلك، وقالت فرقة : هي في المواريث إلا أنها نسخت بآية المواريث المبينة، وقوله ﴿ في كتاب الله ﴾، معناه القرآن أي ذلك مثبت في كتاب الله، وقيل المعنى في كتاب الله السابق في اللوح المحفوظ، و﴿ عليم ﴾ صفة مناسبة لنفوذ هذه الأحكام. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾