والوجه الثالث أن الصحابة اختلفوا في أن سورة الأنفال وسورة التوبة سورة واحدة أم سورتان فقال بعضهم هما سورة واحدة لأن كلتيهما نزلت في القتال ومجموعهما هذه السورة السابعة من الطوال وهي سبع وما بعدها المئون وهذا قول ظاهر لأنهما معاً ومائتان وست آيات فهما بمنزلة سورة واحدة ومنهم من قال هما سورتان فلما ظهر الاختلاف بين الصحابة في هذا الباب تركوا بينهما فرجة تنبيهاً على قول من يقول هما سورتان وما كتبوا بسم الله الرحمن الرحيم بينهما تنبيهاً على قول من يقول هما سورة واحدة وعلى هذا القول لا يلزمنا تجويز مذهب الإمامية وذلك لأنه لما وقع الاشتباه في هذا المعنى بين الصحابة لم يقطعوا بأحد القولين وعملوا عملاً يدل على أن هذا الاشتباه كان حاصلاً فلما لم يتسامحوا بهذا القدر من الشبهة دل على أنهم كانوا مشددين في ضبط القرآن عن التحريف والتغيير وذلك يبطل قول الإمامية
الوجه الرابع في هذا الباب أنه تعالى ختم سورة الأنفال بإيجاب أن يوالي المؤمنون بعضهم بعضاً وأن يكونوا منقطعين عن الكفار بالكلية ثم إنه تعالى صرح بهذا المعنى في قوله بَرَاءة ٌ مّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ( التوبة ١ ) فلما كان هذا عين ذلك الكلام وتأكيداً له وتقريراً له لزم وقوع الفاصل بينهما فكان إيقاع الفصل بينهما تنبيهاً على كونهما سورتين متغايرتين وترك كتب بسم الله الرحمن الرحيم بينهما تنبيهاً على أن هذا المعنى هو عين ذلك المعنى


الصفحة التالية
Icon