وقد جاءَ بعده فى موضعين ﴿بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ليعلم أَنَّ الأَصل ذلك، وإِنَّما قدّم هنا لموافقة ما قبله فحسْبُ.
قوله :﴿﴾ بزيادة باء، وبعده ﴿﴾ و ﴿﴾ بغير باء فيهما ؛ لأَنَّ الكلام فى الآية الأُولى إِيجاب بعد نفى، وهو الغاية فى باب التَّأْكيد، وهو قوله :﴿﴾ فأَكَّد المعطوف أَيضاً بالباءِ ؛ ليكون الكل فى التأْكيد على منهاج واحد، وليس كذلك الآيتان بعده ؛ فإِنَّهما خَلَتا من التأْكيد.
قوله :﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ﴾ بالفاءِ، وقال فى الآية الأُخرى :﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ﴾ بالواو ؛ لأَنَّ الفاءَ يتضمّن معنى (الجزاء، والفعل الذى قبله مستقبل يتضمّن معنى) الشرط، وهو قوله :﴿وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ﴾ اى إِن يكن منهم ما ذكر فجزاؤهم.
وكان الفاءُ ههنا أَحسن موقعاً من الواو [و] التى بعدها قبلها ﴿كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُوْلِهِ وَمَاتُواْ﴾ بلفظ الماضى وبمعناه، والماضى لا يتضمّن معنى الشرط، ولا يقع من الميت فعل، (وكان) الواو أَحسن.
قوله :﴿وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ﴾ بزيادة (لا) وقال : فى الأُخرى ﴿وَأَوْلاَدهُمْ﴾ بغير (لا) لأَنَّه لمّا أَكَّد الكلام الأَوّل بالإِيجاب بعد النفى وهو الغاية، وعلَّق الثَّانى بالأَوّل تعليق الجزاء بالشرط، اقتضى الكلامُ الثانى من التوكيد ما اقتضاه الأَوّلُ، فأَكَّد معنى النَّهى بتكرار (لا) فى المعطوف.
قوله :﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ﴾، وقال : فى الأُخرى :﴿أَنْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ لأَنَّ (أَن) فى هذه الآية مقدّرة، وهى النَّاصبة للفعل، وصار اللام ههنا زيادة كزيادة الباءِ، و (لا) فى الآية.
وجواب آخر : وهو أَنَّ المفعول فى هذه الآية محذوف، أَى يريد الله أَن يزيد فى نعمائهم بالأَموال والأَولاد ؛ ليعذِّبهم بها فى الحياة الدّنيا.


الصفحة التالية
Icon