وأحسب أن ما تحكيه من أحوال المنافقين يعرف به المتصفون بها أنهم المراد، فعرف المؤمنون كثيرا من أولئك مثل قوله تعالى :﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي﴾ [التوبة : ٤٩] فقد قالها بعضهم وسمعت منهم، وقوله :﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ﴾ [التوبة : ٦١]فهؤلاء نقلت مقالتهم بين المسلمين.
وقوله :﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾ [ التوبة : ٤٢].
وعن حذيفة : أنه سماها " سورة العذاب " لأنها نزلت بعذاب الكفار، أي عذاب القتل والأخذ حين يثقفون.
وعن عبيد بن عمير أنه سماها " المنقرة " (بكسر القاف مشددة) لأنها نقرت عما في قلوب المشركين (لعله يعني من نوايا الغدر بالمسلمين والتمالي على نقض العهد وهو من نقر الطائر إذا أنفى بمنقاره موضعا من الحصى ونحوه ليبيض فيه).
وعن المقداد بن الأسود، وأبي أيوب الأنصاري : تسميتها " البحوث " - بباء موحدة مفتوحة في أوله وبمثلثة في آخره بوزن فعول - بمعنى الباحثة، وهو مثل تسميتها " المنقرة ".
وعن الحسن البصري أنه دعاها " الحافرة " كأنها حفرت عما في قلوب المنافقين من النفاق، فأظهرته للمسلمين.
وعن قتادة : أنها تسمى " المثيرة " لأنها أثارت عورات المنافقين وأظهرتها.
وعن ابن عباس أنه سماها " المبعثرة " لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين، أي أخرجتها من مكانها.
وفي " الإتقان " : أنها تسمى " المخزية " بالخاء - والزاي المعجمة وتحتية بعد الزاي وأحسب أن ذلك لقوله تعالى :﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾.
[التوبة : ٢].
وفي " الإتقان " أنها تسمى " المنكلة "، أي بتشديد الكاف وفيه أنها تسمى " المشددة ".
وعن سفيان أنها تسمى " المدمدمة " - بصيغة اسم الفاعل من دمدم إذا أهلك لأنها كانت سبب هلاك المشركين.
فهذه أربعة عشر اسما.
وهي مدنية بالاتفاق.