وظاهر من الأسلوب القرآني في الآيات التي اقتطفناها هنا، وفي آيات المقطع كله ; ومن القوة في التحضيضوالتأليب على قتال المشركين ومقاطعتهم في الجزيرة قاطبة، مدى ما كان يعتلج في نفوس الجماعة المسلمة - أو فريق منها على الأقل له وزنه - من التحرج والتخوف والتردد في اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة في ذلك الحين، بسبب عوامل شتى نرجو أن نكشف عنها في هذا التقديم وفي أثناء استعراض النصوص القرآنية قريبا.
أما المقطع الثاني - في السورة - فقد تضمن تحديدا للعلاقات النهائية كذلك بين المجتمع المسلم وأهل الكتاب عامة ; مع بيان الأسباب العقيدية والتاريخية والواقعية التي تحتم هذا التحديد ; وتكشف كذلك عن طبيعة الإسلام وحقيقته المستقلة ; وعن انحراف أهل الكتاب عن دين الله الصحيح عقيدة وسلوكا ; بما يجعلهم - في اعتبار الإسلام - ليسوا على دين الله الذي نزله لهم ; والذي به صاروا أهل كتاب:
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.)
(وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله.. ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل.. قاتلهم الله ! أنى يؤفكون ؟ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا، لا إله إلا هو، سبحانه عما يشركون.)
(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون.)
(يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله)،


الصفحة التالية
Icon