وفيه أن أبا بكر ـ رضى الله عنهم ـ قال : يا رسول الله! أنزل في شأني شيء؟قال :" لا، ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا الأمر إلا رجل من أهلي " فتبين أن الأول من إطلاق الكل على الجزء لا سيما وهو الذي فيه البراءة، وما سميت السورة براءة إلا به ؛ وأن المعنى : لا يؤدي عني في العهود، لا مطلقاً، فقد أرسل رسلاً للأداء عنه من غير أهل بيته ؛ وقال المهدوي في تفسير ﴿فسيحوا في الأرض﴾ : وروي أن هذه الآية نزلت على النبي ـ ﷺ ـ بعد خروج أبي بكر بالناس ليحج بهم سنة تسع، فبعث بها النبي صلى الله صلى عليه وسلم علياً ـ رضى الله عنهم ـ ليتلوها على الناس بالموضع الذي يجتمع فيه الفريقان وهو منى، وأمره أن ينادي : أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، فنادى عليّ وأعانه أبو هريرة وغيره ـ رضى الله عنهم ـ وكان على مكة حينئذ عتاب بن أسيد ـ رضى الله عنهم ـ، استخلفه رسول الله ـ ﷺ ـ عام الفتح وهو عام ثمان، وكان حج عتاب وأبي بكر سنة تسع في ذي العقدة - كذا قال وسيأتي بيان بطلانه، وتقدم خلافه عن ابن إسحاق في دلائل النبوة ؛ وقال الإمام أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي القاضي في تفسيره : حدثنا قتيبة عن الحجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال : أقبل رسول الله ـ ﷺ ـ حين فرغ من تبوك فأراد الحج فقال : إنه يحضر البيت المشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك، فأرسل أبا بكر وعلياً ـ رضى الله عنهما ـ، فطافا في الناس بذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها كلها وبالموسم كله، وآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر - يعني أشهر الحرم المنسلخات المتواليات : عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون من ربيع الآخر، ثم لا عهد لهم، فآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا، فآمن الناس أجمعون.