السادس : الحج الأكبر القران والأصغر الإفراد، وهو منقول عن مجاهد.
ثم إنه تعالى بين أن ذلك الأذان بأي شيء كان ؟ فقال :﴿أَنَّ الله بَرِىء مّنَ المشركين وَرَسُولُهُ﴾ وفيه مباحث :
البحث اللأول : لقائل أن يقول : لا فرق بين قوله :﴿بَرَاءةٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مّنَ المشركين﴾ وبين قوله ﴿أَنَّ الله بَرِىء مّنَ المشركين وَرَسُولُهُ﴾ فما الفائدة في هذا التكرير ؟
والجواب عنه من وجوه :
الوجه الأول : أن المقصود من الكلام الأول الإخبار بثبوت البراءة، والمقصود من هذا الكلام إعلام جميع الناس بما حصل وثبت.
والوجه الثاني : أن المراد من الكلام الأول البراءة من العهد، ومن الكلام الثاني البراءة التي هي نقيض الموالاة الجارية مجرى الزجر والوعيد، والذي يدل على حصول هذا الفرق أن في البراءة الأولى برىء إليهم، وفي الثانية : برىء منهم، والمقصود أنه تعالى أمر في آخر سورة الأنفال المسلمين بأن يوالي بعضهم بعضاً، ونبه به على أنه يجب عليهم أن لا يوالوا الكفار وأن يتبرؤا منهم، فههنا بين أنه تعالى كما يتولى المؤمنين فهو يتبرأ عن المشركين ويذمهم ويلعنهم، وكذلك الرسول، ولذلك أتبعه بذكر التوبة المزيلة للبراءة.
والوجه الثالث : في الفرق أنه تعالى في الكلام الأول، أظهر البراءة عن المشركين الذين عاهدوا ونقضوا العهد.
وفي هذه الآية أظهر البراءة عن المشركين من غير أن وصفهم بوصف معين، تنبيهاً على أن الموجب لهذه البراءة كفرهم وشركهم.
البحث الثاني : قوله :﴿أَنَّ الله بَرِىء مّنَ المشركين﴾ فيه حذف والتقدير :﴿وَأَذَانٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ﴾ بأن الله بريء من المشركين إلا أنه حذف الباء لدلالة الكلام عليه.
واعلم أن في رفع قوله :﴿وَرَسُولُهُ﴾ وجوهاً : الأول : أنه رفع بالابتداء وخبره مضمر، والتقدير ورسوله أيضاً بريء والخبر عن الله دل على الخبر عن الرسول.


الصفحة التالية
Icon