قال القاضي أبو محمد : وهذا هو القول الذي يشبه نظر الحسن، وبيانه أن ذلك اليوم كان المفتتح بالحق وإمارة الإسلام بتقديم رسول الله ﷺ ونبذت فيه العهود وعز فيه الدين وذل الشرك، ولم يكن ذلك في عام ثمان حين ولى رسول الله ﷺ الحج عتاب بن أسيد كان أمر العرب على أوله، فكل حج بعد حج أبي بكر فمتركب عليه فحقه لهذا أن يسمى أكبر، وقال عطاء بن أبي رباح وغيره : الحج أكبر بالإضافة إلى الحج الأصغر وهي العمرة، وقال الشعبي : بالإضافة إلى العمرة في رمضان فإنها الحج الأصغر، وقال مجاهد : الحج الأكبر القران والأصغر الإفراد، وهذا ليس من هذه الآية في شيء، وقد تقدم ما ذكره منذر بن سعيد ويتجه أن يوصف بالأكبر على جهة المدح لا بإضافة إلى أصغر معين، بل يكون المعنى الأكبر من سائر الأيام فتأمله، واختصار ما تحتاج إليه هذه الآية على ما ذكر مجاهد وغيره من صورة تلك الحال، أن رسول الله ﷺ افتتح مكة سنة ثمان، فاستعمل عليها عتاب بن أسيد وقضى أمر حنين والطائف وانصرف إلى المدينة فأقام بها حتى خرج إلى تبوك، ثم انصرف من تبوك في رمضان سنة تسع فأراد الحج ثم نظر في أن المشركين يحجون في تلك السنة ويطوفون عراة فقال لا أريد أن أرى ذلك، فأمر أبا بكر على الحج بالناس وأنفذه، ثم أتبعه علي بن أبي طالب على ناقته العضباء، وأمره أن يؤذن في الناس بأربعة أشياء، وهي :
لا يحج بعد العام مشرك، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وفي بعض الروايات ولا يدخل الجنة كافر، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهد فهو له إلى مدته، وفي بعض الروايات، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله أربعة أشهر يسيح فيها، فإذا انقضت ف ﴿ إن الله بريء من المشركين ورسوله ﴾.