احتجّ الأولون بحديث مَخْرَمة أن النبيّ ﷺ قال :" يومُ الحج الأكبر يومُ عرفة " رواه إسماعيل القاضي.
وقال الثَّوْرِيّ وابن جُريج : الحج الأكبر أيامُ مِنًى كلُّها.
وهذا كما يقال : يوم صِفِّين ويوم الجَمَل ويوم بُعاث ؛ فيراد به الحِين والزمان لا نفس اليوم.
ورُوي عن مجاهد : الحج الأكبر القِران، والأصغر الإفراد.
وهذا ليس من الآية في شيء.
وعنه وعن عَطاء : الحج الأكبر الذي فيه الوقوف بعرفة، والأصغر العُمْرة.
وعن مجاهد أيضاً : أيامُ الحج كلُّها.
وقال الحسن وعبد الله بن الحارث بن نَوفل : إنما سُمِّي يومُ الحج الأكبر لأنه حج ذلك العامَ المسلمون والمشركون، واتفقت فيه يومئذ أعياد المِلَل : اليهود والنصارى والمجوس.
قال ابن عطيّة : وهذا ضعيف أن يصفه الله عز وجل في كتابه بالأكبر لهذا.
وعن الحسن أيضاً : إنما سميَ الأكبر لأنه حجّ فيه أبو بكر ونُبذت فيه العهود.
وهذا الذي يشبه نظر الحسن.
وقال ابن سيرين : يوم الحج الأكبر العامُ الذي حج فيه النبيّ ﷺ حَجة الوداع، وحجّت معه فيه الأُمم.
الثالثة قوله تعالى :﴿ أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ ﴾ "أن" بالفتح في موضع نصب.
والتقدير بأن الله.
ومن قرأ بالكسر قدّره بمعنى قال إن الله.
"بَريءٌ" خبر أنّ.
"وَرَسُولُهُ" عطف على الموضع، وإن شئت على المضمر المرفوع في "بريء".
كلاهما حسن ؛ لأنه قد طال الكلام.
وإن شئت على الابتداء والخبر محذوف ؛ التقدير : ورسوله بريء منهم.
ومن قرأ "ورسولَه" بالنصب وهو الحسن وغيره عطفه على اسم الله عز وجل على اللفظ.
وفي الشواذ "ورسولِهِ" بالخفض على القسم، أي وحقّ رسوله ؛ ورُويت عن الحسن.
وقد تقدمت قصة عمر فيها أوّل الكتاب.
﴿ فَإِن تُبْتُمْ ﴾ أي عن الشرك.
﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ أي أنفع لكم.
﴿ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ ﴾ أي عن الإيمان.
﴿ فاعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله ﴾ أي فائِتِيه ؛ فإنه محيط بكم ومنزل عقابه عليكم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾