﴿ واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله وَأَنَّ الله ﴾ [ التوبة : ٢ ] والأصل غير معجزي واني، وفي هذا الالتفات بعد الالتفات الأول افتنان في أساليب البلاغة وتفخيم للشأن وتعظيم للأمر، ثم يتلو هذا الالتفات العود إلى الخطاب في قوله سبحانه :﴿ إِلاَّ الذين عاهدتم ﴾ الخ وكل هذا من حسنات الفصاحة انتهى، ولا يخفى ما فيه من كثرة التعسف و﴿ مِنْ ﴾ قيل بيانية، وقيل : تبعيضية، وثم في قوله تعالى :﴿ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً ﴾ للدلالة على ثباتهم على عهدهم مع تمادي المدة وينقصوا بالصاد المهملة كما قرأ الجمهور يجوز أن يتعدى إلى واحد فيكون شيئاً منصوباً على المصدرية أي لم ينقصوكم شيئاً من النقصان لا قليلاً ولا كبيراً، ويجوز أن يتعدى إلى اثنين فيكون ﴿ شَيْئاً ﴾ مفعوله الثاني أي لم ينقصوكم شيئاً من النقصان لا قليلاً ولا كثيراً، ويجوز أن يتعدى إلى اثنين فيكون ﴿ شَيْئاً ﴾ مفعوله الثاني أي لم ينقصوكم شيئاً من شروط العهد وأدوها لكم بتمامها، وقرأ عكرمة.
وعطاء ﴿ ينقضوكم ﴾ بالضاد المعجمة، والكلام حينئذ على حذف مضاف أي لم ينقضوا عهودكم شيئاً من النقض وهي قراءة مناسبة للعهد إلا أن قراءة الجمهور أوقع لمقابلة التمام مع استغنائها عن ارتكاب الحدف ﴿ شَيْئاً وَلَمْ يظاهروا ﴾ أي لميعاونوا ﴿ عَلَيْكُمْ أَحَداً ﴾ من أعدائكم كما عدت بنو بكر على خزاعة فظاهرتهم قريش بالسلاح كما تقدم ﴿ فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ ﴾ أي أدوه إليهم كملا ﴿ إلى مُدَّتِهِمْ ﴾ أي إلى انقضائها ولا تجروهم مجرى الناكثين قيل : بقي لبني ضمرة.


الصفحة التالية
Icon