وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ قَالَ : جَعَلَ اللَّهُ لِلَّذِينَ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ فِيهَا حَيْثُ شَاءُوا، وَأَجَّلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَمَرَهُ إذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمِ أَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ عَاهَدُوا، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَنَقَضَ مَا سَمَّى لَهُمْ مِنْ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : جَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الَّتِي هِيَ أَشْهُرُ الْعَهْدِ لِمَنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمْ عَهْدٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ عَهْدٌ جَعَلَ أَجَلَهُ انْسِلَاخَ الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ تَمَامُ خَمْسِينَ لَيْلَةً مِنْ وَقْتِ الْحَجِّ، وَهُوَ الْعَشْرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَذَلِكَ آخِرُ وَقْتِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ.
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ :﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾ : إلَى أَهْلِ الْعَهْدِ مِنْ خُزَاعَةَ وَمُدْلِجَ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، قَالَ : ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ أَبَا بَكْرٍ، وَعَلِيًّا فَأَذِنُوا أَصْحَابَ الْعُهُودِ أَنْ يَأْمَنُوا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَهِيَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْمُتَوَالِيَاتُ مِنْ عَشْرٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إلَى عَشْرٍ تَخْلُو مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، ثُمَّ لَا عَهْدَ لَهُمْ ؛ قَالَ : وَهِيَ الْحُرُمُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ آمَنُوا فِيهَا.


الصفحة التالية
Icon