الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ : وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إلَى مُدَّتِهِ ؛ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَهْدَ الْمَحْدُودَ لِمُدَّةٍ مَوْقُوفٌ عَلَى أَمَدِهِ، وَأَنَّ الْعَهْدَ الْمُطْلَقَ، أَوْ الَّذِي لَهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ مُدَّتَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، إلَّا مَنْ لَمْ يَنْقُضْ، فَإِنَّ عَهْدَهُ إلَى مُدَّتِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ هَذَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الَّتِي قُدِّرَتْ لِلسِّيَاحَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهَا مِنْ شَوَّالٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ إلَى صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ ؛ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ.
الثَّانِي : أَنَّهَا عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، أَوَّلُهَا يَوْمُ النَّحْرِ إلَى تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَذَلِكَ بِمُضِيِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ، وَقِيلَ : هُوَ الثَّالِثُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.
وَقِيلَ فِي الرَّابِعِ مِنْ يَوْمِ يَبْلُغُهُمْ الْعِلْمُ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ ؛ فَبِذَلِكَ كَانَ الْبَدْءُ وَإِلَيْهِ كَانَ الْمُنْتَهَى. أ هـ ﴿أحكام القرآن لابن العربى حـ ٢ صـ ﴾