مَا وَصَلَ بِهِ إلَيْنَا مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتِهِمْ. فَإِذَا قِيلَ : لَفْظِي جَعَلَ نَفْسَ الْوَسَائِطِ غَيْرَ مَخْلُوقَةٍ وَهَذَا بَاطِلٌ كَمَا أَنَّ مَنْ رَأَى وَجْهًا فِي مِرْآةٍ فَقَالَ أَكْرَمَ اللَّهُ هَذَا الْوَجْهَ وَحَيَّاهُ أَوْ قَبَّحَهُ كَانَ دُعَاؤُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَوْجُودِ فِي الْحَقِيقَةِ الَّذِي رَأَى بِوَاسِطَةِ الْمِرْآةِ لَا عَلَى الشُّعَاعِ الْمُنْعَكِسِ فِيهَا وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى الْقَمَرَ فِي الْمَاءِ فَقَالَ : قَدْ أَبْدَرَ أَوْ لَمْ يُبْدِرْ فَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ الْقَمَرُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَا خَيَالُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ سَمِعَهُ يَذْكُرُ رَجُلًا فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ أَوْ رَجُلٌ فَاسِقٌ عُلِمَ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ هُوَ الشَّخْصُ الْمُسَمَّى بِالِاسْمِ ؛ لَا نَفْسُ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ مِنْ النَّاطِقِ - فَلَوْ قَالَ : هَذَا الصَّوْتُ أَوْ صَوْتِي بِفُلَانِ صَالِحٌ أَوْ فَاسِقٌ فَسَدَ الْمَعْنَى وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَرَأَى فِي مَنَامِهِ وَضَارِبٌ يَضْرِبُهُ وَعَلَيْهِ فَرْوَةٌ فَأَوْجَعَهُ بِالضَّرْبِ فَقَالَ لَهُ : لَا تَضْرِبْنِي فَقَالَ : أَنَا مَا أَضْرِبُك وَإِنَّمَا أَضْرِبُ الْفَرْوَةَ فَقَالَ : إنَّمَا يَقَعُ الضَّرْبُ عَلَيَّ فَقَالَ هَكَذَا إذَا قُلْت : لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَالْخَلْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقُرْآنِ. يَقُولُ : كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالضَّرْبِ بَدَنُك وَاللِّبَاسُ وَاسِطَةٌ فَهَكَذَا الْمَقْصُودُ بِالتِّلَاوَةِ كَلَامُ اللَّهِ وَصَوْتُك وَاسِطَةٌ فَإِذَا قُلْت : مَخْلُوقٌ وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا سَمِعْت قَائِلًا يَذْكُرُ رَجُلًا فَقُلْت : أَنَا أُحِبُّ هَذَا وَأَنَا أُبْغِضُ هَذَا انْصَرَفَ الْكَلَامُ إلَى