زُبُرِ الْأَوَّلِينَ قَالَ تَعَالَى ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾ فَثُبُوتُ الْأَعْمَالِ فِي الزُّبُرِ وَثُبُوتُ الْقُرْآنِ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ هُوَ مِثْلُ كَوْنِ الرَّسُولِ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ؛ وَلِهَذَا قَيَّدَ سُبْحَانَهُ هَذَا بِلَفْظِ " الزُّبُرِ " وَ " الْكُتُبُ " زُبُرٌ. يُقَالُ زَبَرْت الْكِتَابَ إذَا كَتَبْته وَالزَّبُورُ بِمَعْنَى الْمَزْبُورِ أَيْ الْمَكْتُوبُ فَالْقُرْآنُ نَفْسُهُ لَيْسَ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَكِنْ ذِكْرُهُ كَمَا أَنَّ مُحَمَّدًا نَفْسُهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ وَلَكِنْ ذِكْرُهُ فَثُبُوتُ الرَّسُولِ فِي كُتُبِهِمْ كَثُبُوتِ الْقُرْآنِ فِي كُتُبِهِمْ ؛ بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْقُرْآنِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي الْمَصَاحِفِ ؛ فَإِنَّ نَفْسَ الْقُرْآنِ أُثْبِتَ فِيهَا فَمَنْ جَعَلَ هَذَا مِثْلَ هَذَا كَانَ ضَلَالُهُ بَيِّنًا وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَ ( الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ نَفْسَ الْمَوْجُودَاتِ وَصِفَاتِهَا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ حَلَّتْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الثَّانِي وَأَمَّا الْعِلْمُ بِهَا وَالْخَبَرُ عَنْهَا فَيَأْخُذُهُ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ مَعَ بَقَائِهِ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي عِنْدَ الثَّانِي هُوَ نَظِيرُ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْعِلْمَيْنِ وَاحِدًا فِي نَفْسِهِ صَارَتْ وَحْدَةُ الْمَقْصُودِ تُوجِبُ وَحْدَةَ التَّابِعِ لَهُ وَالدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَرَضٌ فِي تَعَدُّدِ التَّابِعِ كَمَا فِي الِاسْمِ مَعَ الْمُسَمَّى ؛ فَإِنَّ اسْمَ الشَّخْصِ وَإِنْ ذَكَرَهُ أُنَاسٌ مُتَعَدِّدُونَ وَدَعَا بِهِ أُنَاسٌ مُتَعَدِّدُونَ


الصفحة التالية
Icon