وَاَلَّذِي مِنْهُمْ غَيْرُ الْأَمِيرِ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ، فَأَمَّا الْحُرُّ فَيَمْضِي أَمَانُهُ عِنْدَ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ، إلَّا أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ : يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ جِوَارَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ أَمْضَاهُ عُمَرُ عَلَى النَّاسِ، وَتَوَعَّدَ بِالْقَتْلِ مَنْ رَدَّهُ، فَقَالَ :" لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لِلْعِلْجِ إذَا اشْتَدَّ فِي الْحَبْلِ مُطَرَّسٌ فَإِذَا سَكَنَ إلَى قَوْلِهِ قَتَلَهُ ؛ فَإِنِّي لَا أُوتَى بِأَحَدٍ فَعَلَ
ذَلِكَ إلَّا ضَرَبْت عُنُقَهُ ".
وَأَمَّا الْعَبْدُ : فَلَهُ الْأَمَانُ فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ ؛ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا أَمَانَ لَهُ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِعُلَمَائِنَا، وَكَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَأَى أَنَّ مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ، لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، فَكَيْفَ يَسْقُطُ مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ.
وَعُمْدَةُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ عُمُومَ الْحَدِيثِ يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ، وَلِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ نَاقَضَ فَقَالَ : إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْقِتَالِ جَازَ أَمَانُهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلَبَ جَوَازَ الْأَمْنِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْقِتَالِ ؛ لِأَنَّهُ صَدَّهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَفَادَهُ بِالْإِسْلَامِ وَالْآدَمِيَّةِ.


الصفحة التالية
Icon