﴿ إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ ﴿ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾ ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ ﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴾ ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴾ ﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴾ ﴿ إنْ هُوَ إلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾ فَالرَّسُولُ هُنَا جِبْرِيلُ. وَأَضَافَهُ سُبْحَانَهُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمِ رَسُولٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُبَلِّغٌ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ رَسُولٌ فِيهِ لَمْ يُحْدِثْ هُوَ شَيْئًا مِنْهُ. إذْ لَوْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ رَسُولًا فِيمَا أَحْدَثَهُ بَلْ كَانَ مُنْشِئًا لَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُضِيفُهُ إلَى رَسُولٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ تَارَةً وَمِنْ الْبَشَرِ تَارَةً فَلَوْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ لِكَوْنِهِ أَنْشَأَ حُرُوفَهُ لَتَنَاقَضَ الْخَبَرَانِ فَإِنَّ إنْشَاءَ أَحَدِهِمَا لَهُ يُنَاقِضُ إنْشَاءَ الْآخَرِ لَهُ. وَقَدْ كَفَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ : إنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ قَوْلُ بِشْرٍ أَوْ مَلَكٍ فَقَدْ كَذَبَ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ قَوْلُ رَسُولٍ مِنْ الْبَشَرِ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ بَلَّغَهُ عَنْ مُرْسِلِهِ لَيْسَ قَوْلًا أَنْشَأَهُ فَقَدْ صَدَقَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ : إنَّ جِبْرِيلَ أَحْدَثَ أَلْفَاظَهُ وَلَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهَا فِي الْهَوَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا إنَّ جِبْرِيلَ أَخَذَهَا مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ بَلْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ هِيَ مِنْ أَقْوَالِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ فِي


الصفحة التالية
Icon