الْبَدْرِ فَإِنْ قُلْتُمْ : إنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ جِسْمٌ وَهُوَ مُحْدَثٌ - كَانَ هَذَا بِدْعَةً مُخَالِفَةً لِلُّغَةِ وَالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَإِنْ قُلْتُمْ : نَحْنُ نُسَمِّي مَا هُوَ كَذَلِكَ جِسْمًا وَنَقُولُ إنَّهُ مُرَكَّبٌ قِيلَ تَسْمِيَتُكُمْ الَّتِي ابْتَدَعْتُمُوهَا هِيَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ وَمَنْ عَمِدَ إلَى الْمَعَانِي الْمَعْلُومَةِ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَسَمَّاهَا بِأَسْمَاءِ مُنْكَرَةٍ لِيُنَفِّرَ النَّاسَ عَنْهَا قِيلَ لَهُ : النِّزَاعُ فِي الْمَعَانِي لَا فِي الْأَلْفَاظِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَلْفَاظُ مُوَافَقَةً لِلُّغَةِ فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ مِنْ ابْتِدَاعِهِمْ ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي يُعْلَمُ ثُبُوتُهَا بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ لَا تُدْفَعُ بِمِثْلِ هَذَا النِّزَاعِ اللَّفْظِيِّ الْبَاطِلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ كُلَّ مَا كَانَ تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ وَتُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ أَوْ مِنْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ فَهَذَا مَمْنُوعٌ ؛ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ : مِنْ النُّظَّارِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الْجُمْهُورُ : وَأَمَّا تَفْرِيقُ الْكُلَّابِيَة بَيْنَ الْمَعَانِي الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَالْمَعَانِي الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ - الَّتِي تُسَمِّي الْحَوَادِثَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الصِّفَاتِ أَعْرَاضًا لِأَنَّ الْعَرَضَ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ - فَيُقَالُ : قَوْلُ الْقَائِلِ : إنَّ الْعَرَضَ الَّذِي هُوَ السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ


الصفحة التالية
Icon