وقيل : إنه سبحانه اقتصر على الأدنى ليعلم غيره بطريق أولى، ولا يرد عليه أنه ليس بأدنى من الحبس كما توهم لأن بقاءه عليه الصلاة والسلام في يد عدوه المقتضى للتبريح بالتهديد ونحوه أشد منه بلا شبهة ﴿ وَهُم بَدَءوكُمْ ﴾ بالمقاتلة ﴿ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ وذلك يوم بدر وقد قالوا بعد أن بلغهم سلامة العير : لا ننصرف حتى نستأصل محمداً ﷺ ومن معه، وقال الزجاج : بدأوا بقتال خزاعة حلفاء النبي ﷺ وإليه ذهب الأكثرون، واختار جمع الأول لسلامته من التكرار، وقد ذكر سبحانه ثلاثة أمور كل منها يوجب مقاتلتهم لو انفرد فكيف بها حال الاجتماع ففي ذلك من الحث على القتال ما فيه ثم زاد ذلك بقوله سبحانه :﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ ﴾ وقد أقيم فيه السبب والعلة مقام المسبب والمعلول، والمراد أتتركون قتالهم خشية أن ينالكم مكروه منهم ﴿ فالله أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ ﴾ بمخالفة أمره وترك قتال عوده، والاسم الجليل مبتدأ و﴿ أَحَقُّ ﴾ خبره و﴿ أَن تَخْشَوْهُ ﴾ بدل من الجلالة بدل اشتمال أو بتقدير حرف جر أي بأن تخشوه فمحله النصب أو الجر بعد الحذف على الخلاف، وقيل : إن ﴿ أَن تَخْشَوْهُ ﴾ مبتدأ خبره ﴿ أَحَقُّ ﴾ والجملة خبر الاسم الجليل، أي خشية الله تعالى أحق أو الله أحق من غيره بالخشية أو الله حشيته أحق، وخير الأمور عندي أوسطها ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ فإن مقتضى إيمان المؤمن الذي يتحقق أنه لا ضار ولا نافع إلا الله تعالى ولا يقدر أحد على مضرة ونفع إلا بمشيئته أن لا يخاف إلا من الله تعالى، ومن خاف الله تعالى خاف منه كل شيء، وفي هذا من التشديد ما لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٠ صـ ﴾