وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ﴾
أعاد التعجب من أن يكون لهم عهد مع خُبث أعمالهم ؛ أي كيف يكون لهم عهد وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاَّ ولا ذمة.
يقال : ظهرتُ على فلان أي غلبته، وظهرت البيت علوته ومنه "فَمَا اسطاعوا أَنْ يَظْهَرُوه" أي يعلو عليه.
قوله تعالى :﴿ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً ﴾ "يرقبوا" يحافظوا.
والرقيب الحافظ.
وقد تقدم.
"إلاًّ" عهداً ؛ عن مجاهد وابن زيد.
وعن مجاهد أيضاً : هو اسم من أسماء الله عز وجل.
ابن عباس والضحاك : قرابة.
الحسن : جِواراً.
قتادة : حِلْفاً، و "ذِمَّةً" عهداً.
أبو عبيدة : يميناً.
وعنه أيضاً : إلاَّ العهد، والذمة التذمم.
الأزهري : اسم الله بالعبرانية ؛ وأصله من الألِيل وهو البريق ؛ يقال ألّ لونه يَؤُلُّ أَلاًّ، أي صَفَا ولَمَع.
وقيل : أصله من الحدّة ؛ ومنه الأَلّة للحربة ؛ ومنه أُذُن مُؤَلَّلة أي محدّدة.
ومنه قول طَرفَة بن العبد يصف أذني ناقته بالحدّة والانتصاب :
مُؤَلَّلتان تعرف العِتْق فيهما...
كسامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَل مُفْرَدِ
فإذا قيل للعهد والجِوار والقرابة "إلّ" فمعناه أن الأُذُن تُصرف إلى تلك الجهة ؛ أي تحدّد لها.
والعهد يسمّى "إلاًّ" لصفائه وظهوره.
ويجمع في القلة آلال.
وفي الكثرة إلاَلٌ.
وقال الجوهري وغيره : الإلّ بالكسر هو الله عز وجل، والإلّ أيضاً العهد والقرابة.
قال حسان :
لعمرُكِ إنّ إلَّكِ من قريش...
كإلّ السَّقْب من رَأَل النَّعام
قوله تعالى :﴿ وَلاَ ذِمَّةً ﴾ أي عهداً.
وهي كل حُرمة يلزمك إذا ضيّعتها ذنب.
قال ابن عباس والضحاك وابن زيد : الذِّمة العهد.
ومن جعل الإلّ العهد فالتكرير لاختلاف اللفظين.
وقال أبو عبيدة مَعْمَر : الذمة التذمم.
وقال أبو عبيد : الذمة الأمان في قوله عليه السلام :" ويسعى بذمتهم أدناهم " وجمع ذِمّة ذِمم.