فقال له أبو سفيان : ما رأيت كاليوم شاهد عشيرة مثلك، يعني : شاهداً على هلاك قومه.
ثم أتى فاطمة رضي الله عنها فقال لها : يا فاطمة، هل لك في أمر تسودين فيه نساء قريش؟ ثم قال لها نحو ما قال لأبي بكر وعمر، فقالت : الأمر إلى الله وإلى رسوله.
ثم أتى علياً فذكر له نحواً من ذلك، فقال له عليّ : ما رأيت كاليوم رجلاً أضل منك أنت سيد الناس، فجدِّد وأصلح بين الناس.
فضرب أبو سفيان يمينه على يساره وقال : أجرت الناس بعضهم من بعض ثم رجع إلى قومه، فأخبرهم بما صنع فقالوا : ما رأينا كاليوم وافد قوم، والله يا أبا سفيان ما جئنا بصلح فنأمن ولا بحرب ؛ فقدم وافد بني خزاعة على النبي ﷺ، فأخبره بما صنع القوم ودعاه إلى النصرة، فقال في ذلك شعراً :
اللَّهُمَّ إنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدا.
.. حلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا
إنَّ قُرَيْشاً أَخْلَفُوكَ المَوْعِدَا.
.. وَنَقَضُوا ميثَاقَكَ المُؤَكَّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتَ تَدْعُو أَحَدَا.
.. وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدا
وَهُمْ أَتُونَا بِالوَتِينِ هجدَا.
.. نَتْلُو الكِتَابَ رُكَّعاً وَسُجَّدَا
ثَمَّةَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزعْ بُدَّا.
.. فَانْصُرْ رَسُولَ الله نَصْراً أَعْتَدَا
وَابْعَثْ جُنُودَ الله تَأْتِي مَدَدَا.
.. فِيهِمْ رَسُولُ الله قَدْ تَجَرَّدَا
فأمر النبي ﷺ بالرحيل وروي في خبر أن النبي ﷺ قال :" والله، لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً وَالله لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً ".
وقال :" والله لا نُصِرْتُ، إِنْ لَمْ أَنْصُرْكُمْ ".
فخرج إلى مكة ومعه عشرة آلاف رجل، ثم رجعنا إلى حديث عكرمة قال : فتجهزوا.
وأقبل رسول الله ﷺ بالناس، حتى نزلوا برمال الظهران، فخرج أبو سفيان من مكة، فرأى النيران والعسكر فقال : ما هذه؟ فقيل : هؤلاء بنو تميم.
فقال : والله هؤلاء أكثر من أهل منًى.