أطلق هنا استعارة لإزالة ما في النفوس من تعب الغيظ والحقد، كما استعير ضدّه وهو المرض لما في النفوس من الخواطر الفاسدة في قوله تعالى :﴿ في قلوبهم مرض ﴾ [ البقرة : ١٠ ] قال قيس بن زهير:
شَفيت النفسَ من حَمَل بننِ يَدّر...
وسيفي من حُذيفة قد شَفاني
وإضافة ال ﴿ صدور ﴾ إلى ﴿ قوم مؤمنين ﴾ دون ضمير المخاطبين يدلّ على أنّ الذين يشفي الله صدورهم بنصر المؤمنين طائفةٌ من المؤمنين المخاطبين بالقتال، وهم أقوام كانت في قلوبهم إحن على بعض المشركين الذين آذوهم وأعانوا عليهم، ولكنّهم كانوا محافظين على عهد النبي ﷺ فلا يستطيعون مجازاتهم على سوء صنيعهم، وكانوا يودّون أن يؤذَن لهم بقتالهم، فلمّا أمر الله بنقض عهود المشركين سُرّوا بذلك وفرحوا، فهؤلاء فريق تغاير حالته حالة الفريق المخاطبين بالتحريض على القتال والتحذيرِ من التهاون فيه.
فعن مجاهد، والسدّي أنّ القوم المؤمنين هم خزاعة حلفاء النبي ﷺ وكانت نفوس خزاعة إحن على بني بكر بن كنانة، الذين اعتدوا عليهم بالقتال، وفي ذكر هذا الفريق زيادة تحريض على القتال بزيادة ذكر فوائده، وبمقارنة حال الراغبين فيه بحال المحرضين عليه، الملحوح عليهم الأمر بالقتال. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon