وقال أبو حيان فى الآيتين :
﴿ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ﴾
قررت الآيات قبل هذا أفعال الكفرة المقتضية لقتالهم، والحض على القتال، وحرم الأمر بالقتال في هذه، وتعذيبهم بأيدي المؤمنين هو في الدنيا بالقتل والأسر والنهب، وهذه وعود ثبتت قلوبهم وصححت نياتهم، وخزيهم هو إهانتهم وذلهم، وينصركم يظفركم بهم، وشفاه الصدور بإعلاء دين الله وتعذيب الكفار وخزيهم.
وقرأ زيد بن علي : ونشف بالنون على الالتفات، وجاء التركيب صدور قوم مؤمنين ليشمل المخاطبين وكل مؤمن، لأن ما يصيب أهل الكفر من العذاب والخزي هو شفاء لصدر كل مؤمن.
وقيل : المراد قوم معينون.
قال ابن عباس : هم بطون من اليمن وسبأ قدموا مكة فأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديداً، فبعثوا إلى رسول الله ( ﷺ ) يشكون إليه فقال :" أبشروا فإن الفرج قريب " وقال مجاهد والسدي : هم خزاعة.
ووجه تخصيصهم أنهم هم الذين نقض فيهم العهد ونالتهم الحرب، وكان يومئذ في خزاعة مؤمنون كثير.
ألا ترى إلى قول الخزاعي المستنصر بالنبي ( ﷺ ) :
ثمت أسلمنا قلم ننزع يداً...
وفي آخر الرجز :
وقتلونا ركعا وسجداً...
وإذهاب الغيظ بما نال الكفار من المكروه، وهذه الجملة كالتأكيد للتي قبلها، لأنّ شفاء الصدر من آلة الغيظ هو إذهاب الغيظ.
وقرأ فرقة : ويذهب فعلاً لازماً غيظ فاعل به.
وقرأ زيد بن علي : كذلك إلا أنه رفع الباء.