وقيل : حصول الكفر وكثرة الأموال لذة تطلب بطريق حرام، فلما حصلت لهم طريق حلال كان ذلك داعياً لهم إلى التوبة مما تقدم، فصارت التوبة متعلقة بتلك المقاتلة انتهى.
وهذا الذي قرروه من كون التوبة تدخل تحت جواب الأمر هو بالنسبة للمؤمنين الذين أمروا بقتال الكفار، والذي يظهر أنّ ذلك بالنسبة إلى الكفار، فالمعنى على من يشاء من الكفار، وذلك أنّ قتال الكفار وغلبة المسلمين إياهم قد ينشأ عنها إسلام كثير من الناس، وإن لم يكن لهم رغبة في الإسلام، ولا داعية قبل القتال.
ألا ترى إلى قتال رسول الله ( ﷺ ) أهل مكة كيف كان سبباً لإسلامهم، لأن الداخل في الإسلام قد يدخل فيه على بصيرة، وقد يدخل على كره واضطرار، ثم قد تحسن حاله في الإسلام.
ألا ترى إلى عبد الله بن أبي سرح كيف كان حاله أولاً في الإسلام، ثم صار أمره إلى احسن حال ومات أحسن ميتة في السجود في صلاته، وكان من خيار الصحابة؟ والله عليم يعلم ما سيكون مثل ما يعلم ما قد كان، وفي ذلك تقرير لما رتب من تلك الموعيد، وأنها كائنة لا محالة حكيم في تصريف عباده من حال إلى حال على ما تقتضيه حكمته تعالى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾